كان نافع القارئ الذي أخذ عنه ورش روايته، شيخا للإمام مالك، لذلك فاختيار المغاربة تلاوة كتاب الله تعالى برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق منذ دخولها إلى الأقطار المغربية على أيدي الرواد الأولين إلى يومنا هذا، كاختيارهم لمذهب الإمام مالك الفقهي، وبذلك يكونون بهذا الاختيار المزدوج قد جمعوا بين اتباع عالم المدينة المنورة وفقيهها، ومقرئها وإمامها نافع مقرئ المسجد النبوي.
وقد قال مالك عن قراءة نافع: «قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع؟ قال نعم »، وحينما سئل عن حكم الجهر بالبسملة أثناء الصلاة قال: «سلوا نافعا فكل علم يسأل عنه أهله، ونافع إمام الناس في القراء »، فصارت رواية ورش عن نافع تبعا للمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، والتصوف السنّي، رمزا لوحدة المغرب المذهبية، وثوابت الأمة المغربية.
أما ورش، فهو عثمان بن سعيد المصري تلميذ الإمام نافع، ويمكن القول إن تعلق المغاربة بروايته عن أهل المدينة باعتبارها دار الهجرة النبوية ومنزل الوحي وموضع مدرسة الإمام مالك؛ إمام دار الهجرة في الفقه والحديث، هو تعلق بكل ما هو مدني، وبما هو نابع من إيمانهم وعمق محبتهم لصاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم باعتبار المدينة مكان هجرته، ومسرح دعوته في حياته وموضع دفنه بعد مماته، وهي نفس الدار التي عرفت مدرسة الإمام مالك بن أنس، إمام أهل المدينة في الفقه ومدرسة الإمام نافع إمام أهل المدينة في القراءة وأحد القراء السبعة.